الإسراء والمعراج: مخطوطات إسلامية عربية وفارسية وأخبار من الصحف
خمسه نظامي، 1798، مجموعة يهودا، المكتبة الوطنية

الإسراء والمعراج

"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"

كانت هذه الآية الّتي افتتحت سورة الإسراء أرضيّة خصبة للتفسير، وقد آمن المفسّرون الأوائل أنها لخّصت قصّة ذات قيمة كونيّة وروحانيّة كبيرة: في اللّيلة السّابعة والعشرين من رجب عام 621 للميلاد، اعتلى الّنبي محمّد دابّة معجزة على شكل حصان مجنّح يدعى "البراق"، وساقه من مكّة إلى "المسجد الأقصى" في القدس، ومن هناك عرج النّبيّ محمدّ إلى السّماء السّابعة، وفي هذه الرّحلة التقى بالأنبياء، الملائكة، وفي بعض الروّايات بالذّات الإلهيّة. وفقًا لبعض المفسّرين فإنّ رحلة الإسراء والمعراج لم تحدث على مدار ليلة كاملة، بل هي تجربة خارج الزّمن، حدثت في لحظة واحدة ووحيدة.

على الرّغم من أنّ سورة الإسراء هي الأكثر ارتباطًا بهذه القصّة، إلى أنّ المفسّرين يجدون ارتباطًا مماثل في مواضعٍ أخرى من القرآن الكريم، ومنها الآيات الثّالثة عشر والرّابعة عشر والخامسة عشر من سورة النّجم على سبيل المثال "ولقَد رآهُ نزلةً أخرى -  عندَ سِدرةِ المنتهى – عِندَها جنّةُ المأوى". وكذلك الآيات (19-25) من سورة التّكوير.

تأتي قداسة وأهميّة مدينة القدس كالمدينة الثّالثة من حيث القداسة في الإسلام من هذه القصّة بالتّحديد. بل ولفترةٍ وجيزة من البعثة اعتاد المسلمين على تصويب صلاتّهم باتّجاه القدس. وإنّ هذه الحقيقة إلى جانب قصّة الإسراء والمعراج ولقاء النّبي محمّد بأنبياء سابقين كموسى وداود وإبراهيم وسليمان، لعلامة هامّة تدل على ارتباطٍ وثيق بين الإسلام وبين الأدبيّات اليهوديّة والمسيحيّة.

وصفت أدبيّات الحديث النبوي أحداث قصّة الإسراء والمعراج بالتّفصيل، كما أكّدت على كون هذه الرّحلة لحظة فارقة في سيرة النّبيّ محمّد. اعتبر الصّوفيّون هذه القصّة كنموذجٍ على التّجلّي الرّوحي. كما يتّخذ المعراج مكانة خاصّة في الأدبيّات الصّوفيّة والشّعريّة الفارسيّة. فوضع ابن سينا (980-1037) كتاب "معراج نامه" (كتاب المعراج) وهو مؤلف مفقود، كما وضع عمر الخيّام (1048-1131) صورة شعريّة لرواية القصّة، بالإضافة إلى نظامي الكنجوي (1141-1209) وغيره.

خلال الشّهر السّابق لرمضان يحيي الكثير من المسلمين ذكرى الإسراء والمعراج بأشكالٍ عديدة: كإقامة الصلاة في الليل وتلاوة القرآن والأحاديث والأدبيّات المتعلّقة بالقصّة. وبما أنّ ذكرى الإسراء والمعراج لا تُعتبر عيدًا، فتختلف طرق إحيائها من مكانٍ إلى آخر: فيقيم البعض المأدبات، ويصوم البعض، وفي بعض الأماكن لا يتم تحديد هذه الذكرى بشكل رسميّ. للمزيد حول الإسراء والمعراج في قواعد بيانات المكتبة، تتبعوا البحث في قواعد بيانات المكتبة من خلال هذا الرابط أو في خانة البحث في أعلى الصفحة. ​